من مذكرات رجل تعليم..التعيين

من مذكرات رجل تعليم... 
الجزء الأول : التعيين 




khattabi mohamed

 في وقت كان الترقب سيد الموقف . كان من لا حول له ولا قوة ينتظر أين سيرميه قدر التعيين بعد التخرج . فلم تكن الطرق السيارة موجودة أما الرئيسية فهي محدودة والثانوية منبوذة والممرات شبه مسدودة ووسائل النقل معدودة. تسلمت إشعارالتعيين وعرفت الإقليم في الحين. فقد حكى لي عنه من سبقوني بسنين. مادام هذا هو حظي وليس هناك حلول فما علي إلا الاستعداد للمجهول. 
حل يوم السفر واستسلمت لما سطر الله لي وقدر. وبينما كانت الحافلة تسير كان عقلي لا يكف عن التفكير. كيف سيكون الحال والمصير. وسط أناس لا أتقن لهجتهم ولا حتى التعبير. كيف أندمج معهم وكيف أرضخ نفسي للتغيير.
بعد ساعات من السفر. وجدت نفسي  بين حشد من البشر. يتمعنون في وكأني نزلت من القمر. سألت أحدهم عن النيابة لكنني لم أفهم الإجابة فقررت البحث عنها بعد فترة من الاستراحة.
 شرعت في البحث بين شوارع المدينة وأمني النفس بالتعيين فيها لتعود الى نفسي السكينة. غيرأني فوجئت في ذلك اليوم بأن تعيين النيابة لا يقل رميا عن تعيين الوزارة. فازدادت الحسرة والمرارة ففكرت في التراجع والاستقالة. لكنني تذكرت التشومير والبطالة. فعدلت عن هذه السخافة ثم توجهت عند أحد الخطافة. حيث حدد لي الأجرة والمسافة. كنت قبل غروب الشمس بإحدى الدواوير لا أعرف أين أتجه أو أسير. اتجهت الى أحد الدكاكين أسأل صاحبها عن مؤسسة التعيين. أشار لي بيديه إلى المكان ولم أفهم إلا ساعتين على القدمين. تجمهر حولي حشد من البشر واستبشروا خيرا فقد حل المهدي المنتظر. فقال أحدهم انت الفقيه ديالنا. مرحبابيك مرحبابيك. ما أروع طيبوبة هؤلاء الناس البسطاء وصفاء قلوبهم ولكن ما أتعسني أنا وكيف سأتأقلم مع محيط لا يليق إلا بابن المنطقة.





 مرت أيام وشهور وبدأت أحس بأنني أصبحت عنصرا مندمجا داخل الدواوير ومدت لي يد المساعدة من طرف الجميع.
لقد سقطت دموعي مرتين. أولهما حسرة على أول تعييني. وثانيهما حسرة على فراق هؤلاء الناس الطيبين.
يا للمفارقة العجيبة.
وفقكم الله اخواتي واخواني جميعا وخصوصا جنود الفيافي والقفار..
فمهما طال الإستقرار بالمكان سيأتي يوم الفرج والنسيان وتبقى الذكريات تحكيها كما حكيتها الآن.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-